إن لأفكار الفيلسوف تولستوي تأثيرًا عظيمًا في تحويل مجرى أفكار البشر في الأرض، وفي هدم أكثر المبادئ الفاسدة التي جلبت على الناس الشقاء، وجرتهم من النور إلى الظلام، وجعلتهم يخضعون لشرائع الإنسان الحيواني، وينبذون شرائع الإنسان الراقي الذي مصدره من فوق نبذ النواة.
ما الذي جعل تولستوي محبوبًا ومعتبرًا عند كل الناس؟ لا شك أن رسالته للبشر جعلت قدره يعظم في النفوس ومنزلته ترتفع في العيون. إن رسالته كانت جديرة بالالتفات والسمع، وقد برهن العالم على استعداده لسماعها، وعرف لأول وهلة أن هذا الرجل خليق بأن يكون أحد زعماء الإنسانية ، حيث يسود الظلام ويتحرر الإنسان من قيود العادات والتقاليد التي هوت بالبشر إلى أقصى دركات الانحطاط، فأصبحوا في حاجة إلى التجديد، وهذا ما حدا بروسو أن يصدر كتابه العقد الاجتماعي بهذا القول البديع: "ولد الإنسان حرًا، إنما نراه على الدوام يرسف في السلاسل والقيود".