سجد "سكون" هامسًا بكلمات لم يسمعها غيره، تابعته "خديج"، وهي تدعو ربها الذي اتبعته من خلال الحروف، شدت على رمحها بقوة، وهي تتلمس شعر سماءٍ الأبيض، وتداعب خطمها، فأصدرت الفرس صوتًا لطيفًا، وهي تثني عنقها برفق، وأمامهم كان قحطان، لا يستره إلا إزاره الأسود، لا قميص، ولا عمامة، في يده شعلة نار، وفي الأخرى فأسه، ومن خلفهم رجال آل عابر، وبعض نسائهم، قد تسلحوا ما استطاعوا، صبغوا وجوههم بالطين، ينشدون هجاءً، ويتكابر داخلهم شعور مبهر بالقوة، شعور لم توجد في لغتهم كلمة تصفه، فعلمتهم خديج أن اسم ذلك الشعور هو "النَفرة"، وهو فعل هجومي للدفاع عن الأهل، أو القبيلة، يصحبه شعور بالعزة والمنعة والعظمة، إذ تنظر حولك فترى عشرات الرجال، كلهم من أهلك، تاريخكم واحد، وقد حُكيت لكم نفس القصص من جداتكم، وجربتم نفس الألم، والآن تريدون خلعه بقتل عدوكم